من طرف أحمد العزب محمد الثلاثاء مايو 20, 2008 5:51 pm
صدق أو لا تصدق بقلم الأستاذ فهمى هويدى |
18 / 05 / 2008 لا أريد أن أصدق أن الرئيس حسني مبارك أرسل برقية هنأت الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز بما يسمونه في إسرائيل «عيد الاستقلال»، الذي هو ذكري النكبة التي حلت بفلسطين والأمة العربية ..
صحيح أن ثمة اتفاقية سلام بين القاهرة وتل أبيب، لكن ذلك لا يبرر الذهاب إلي هذا المدي الجارح للشعور العربي العام في مجاملة إسرائيل، في الوقت الذي لم تبعث فيه أي إشارة للعرب تعبيرًا عن المجاملة أو حتي حسن النية، حتي إذا كانت الأعراف الدبلوماسية تفرض تبادل الرسائل والتحايا في مثل هذه المناسبة، فربما كان المشهد يبدو أكثر توازنًا واحتشامًا لو أن رسالة الرئيس المصري اكتفت بتذكير الرئيس الإسرائيلي بحقوق الشعب الفلسطيني المهدورة ومطالبة بلاده بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة الصادرة بخصوص القضية الفلسطينية، ولو أنه بعث في المناسبة ببرقية أخري إلي الرئيس الفلسطيني عبّر فيها عن أمله في التوصل إلي حل عادل للقضية، لبدا المشهد أكثر احتشامًا واحترامًا.
ولا أريد أن أصدق أن الغاز المصري تدفق عبر الأنابيب علي إسرائيل في نفس الوقت الذي كانت فيه الدولة العبرية قد قررت قطع إمدادات الوقود عن قطاع غزة، الأمر الذي أدي إلي إظلامها وإصابة الحياة فيها بالشلل، وهي مفارقة تبدو غريبة ومشينة في الوقت ذاته. أن تبادر مصر إلي توفير الطاقة بأبخس الأثمان لإسرائيل، في حين تستخدم من جانبها الطاقة لإذلال الفلسطينيين وتركيعهم، وكأن الطرف الذي يبيع الغاز لا علاقة له بما يحدث للفلسطينيين، ولا بسمعة مصر أو كرامتها.
ولا أريد أن أصدق أن تقيم مصر سورًا بين سيناء وقطاع غزة في الوقت الذي تقيم فيه إسرائيل سورًا آخر يحكم الخناق علي القطاع. ولا أريد أن أصدق أن يتولي فريق أمريكي زيارة السور الذي أقامته مصر للتأكد من كفاءته في القيام بالدور الذي يفترض أن يقوم به، سواء في منع التسلل عبر الحدود أو صد الفلسطينيين إذا ما فكروا مرة أخري في أن يلوذوا بإخوانهم في مصر ويستعينوا بهم في توفير احتياجاتهم، ولا أريد أن أصدق أن بعض مصانع الطوب المصرية تقدم للإسرائيليين إنتاجها الذي تستعين به في إقامة المستوطنات أو بناء السور، تمامًا كما أن الأمريكيين قدموا للسلطات المصرية الأجهزة والمعدات التي تمكنها من تحويل السور المقام بينها وبين غزة إلي جدار عازل يحكم عملية خنق الفلسطينيين.
ولا أريد أن أصدق أن تغيب مصر تمامًا عن ساحة الفعل في المشهد اللبناني، وأن يظل خطابها السياسي صدي للتصريحات الرسمية السعودية، التي استأثرت بصدارة المشهد، وأصبحت اللاعب الرئيسي في واجهته.
ولا أريد أن أصدق أن يعقد وزراء الخارجية العرب اجتماعًا طارئًا في القاهرة لبحث الأزمة اللبنانية، ولا يتحدثون بكلمة عن الحصار الوحشي المفروض علي غزة، ولا في العبث الإسرائيلي الذي يلوح للفلسطينيين بإقامة الدولة في نهاية العام، في الوقت الذي تستمر فيه إسرائيل في التمدد علي الأرض، لإكمال عملية تغيير الخرائط التي تجعل ذلك الحلم مستحيل التحقيق، وبالمناسبة فإنني لا أريد أن أصدق أن يستنفر العالم العربي وتستأثر أحداث لبنان باهتمامه، في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل عملية الإبادة البطيئة في غزة.
من سخريات الأقدار أن اليوم الذي عقد فيه وزراء الخارجية العرب اجتماعهم بالقاهرة «الأحد 11 مايو»، وافق اليوم العالمي لارتفاع ضغط الدم، وكانت تلك هي المعلومة الوحيدة المناسبة والقابلة للتصديق فيما يجري. |
|