من طرف أحمد العزب محمد الثلاثاء مايو 20, 2008 5:23 pm
مصيبتنا أهي من إسرائيل أم من حكام المسلمين ؟ بقلم الأستاذ عمر التلمسانى |
16 / 05 / 2008 أليس مريبا حقا ، أن يحتار المسلمون في أسباب ما نزل وما ينزل بهم كل يوم ؟ أهي إسرائيل التافهة ، مهما قالوا عن تسليحها ؟ أم حكام البلاد الإسلامية ؟ أرأيت إلي أي حد وصل السوء في المقارنة بين أعداء حقيقيين وبين حكام كنا نظنهم دروعا للمسلمين ، فكانوا دروعا فعلا ولكن يحمون أعداء المسلمين ، وكانوا سهاما صائبة مسمومة في صميم أفئدة المسلمين . هذا هو حالنا اليوم ، وما هي ، والله ، إسرائيل أو الولايات المتحدة أو الاتحاد السوفيتي ، ولكنهم حكام البلاد الإسلامية ، لو أن حلقي بغير الماء شرق !! إني لا أهاجم أحدا لشخصه ، ولكنها تراكمات تصرفاتهم العجيبة واحدة بعد الأخرى ، فجرت صدورنا غيظا ، فقلنا ما كنا نود أن نقول غيره لهم لكن .. من دعا الناس إلي ذمه .
ذموه بالحق والباطل :
وإننا حقا لا نذم إلا تصرفا سيئا وحالا مريرا ، ما كنا نظن أن يصل إليها هؤلاء الحكام ، وأعجب العجب أن ما أعرض له هنا ، لا يخفي علي أغبي أغبياء العالم ، فكيف جاز عليهم هذا ، وهم الساسة الدهاة ، والأمراء العتاة ، والملوك العظام ، والرؤساء الفخام .. كيف ؟ كيف ! لماذا نزلتم بكراسيكم وألقابكم إلي هذا المستوى ؟ إلا تشفقون علي أنفسكم أو من خلفكم من أهليكم وذويكم ؟!
عقدت مصر معاهدة السلام مع إسرائيل وعارضناها من أول يوم لأنها كانت وما تزال شرا من جميع نواحيها . وعلت صرخاتكم غضبا وتهديدا ، وكنا نظن أنكم ستفعلون شيئا ينقذ المسلمين من أخطار هذه المعاهدة الفظيعة ، فلم تر إلا مؤتمرات جوفاء ، وعدمها خير من انعقادها ، ولم نسمع إلا احتجاجات كالطبل الأجوف ، ولم نسمع إلا وسوسة بلايين الدولارات تنحدر من جيوب إلي جيوب ، لا لترد إسرائيل علي أعقابها ، ولكن لينكل القابضون منكم بشعوبهم المسلمة بإغراء الدافعين منكم أيها السادة المغاوير !! عزيز علي وربي أن أتحدث عنكم هكذا ولكنه الحق الذي خذلتموه ، ولكنه الحق الذي يصدع من يحبه وينصره . ولما فاضلت بين الاثنين لم أتردد أن آخذ جانب الحق مهما طالت أذرعتكم ، التي لا تتطاول إلا علي دعاة الحق عداوة لكم .. الصهيونية !
إن أدي إلي هزال المكانة الدولية للمسلمين في العالم ، له أسباب لا تعد ولا تحصى ، ولكنها لا تصل في مجموعها كلها إلي السبب الأخطر والأدهى والأمر . ذلك السبب هو موقف حكام البلاد الإسلامية ، من بعضهم البعض أولا ، ثم موقفهم من شعوبهم ، وإذا خف الضغط فيها بين بعضهم البعض حينا ، اشتد وقسي علي شعوبهم في نفس الوقت . والعكس بالعكس ، وهكذا فكل الشعوب الإسلامية في دوامة الانقسامات بسبب حكامها ، وفي كوارث التعذيب والاضطهاد بسبب حكامها أيضا . وهكذا نري أن حكام البلاد الإسلامية ، هم أس الداء ولا أمل يتراءى في الأفق أن يكونوا عامل الدواء . ولو أن كلمة هؤلاء الحكام اتفقت علي أن تجري استفتاءات عن مشاعر شعوبهم نحوهم ، بشرط أن يتولي الاستفتاء في كل بلد مختصون من بلد آخر ، لو حصل هذا ، لعلم أولئك الحكام أين هم من مشاعر أبناء شعوبهم ، ولا أريد أن أتمادى في سوء الظن فأقرر أنهم يعلمون هذه الحقيقة ، ولذلك يمعنون في اضطهاد شعوبهم التي لا تحبهم .
الحكام يتوددون للأعداء :
أنهم يتحببون إلي أعدائهم .. أعداء دينهم ، في أسلوب لا ترضاه شعوبهم ، ولا يخفي علي أعدائهم الذين يتوددون إليهم ، طلبا للعون منهم ، أملا في المحافظة علي حكمهم والواقع الذي لاشك فيه ، أن أعدائكم لا يقصدونهم ولا يتآمرون ضدهم إلا لمصلحتهم هم . مصلحة الأعداء لا مصلحة الحكام . ورغم أن هذا الذي أقول هو تحصيل حاصل يعلمه أولئك الحكام ، إلا أنني أريد أن أجذب الشعوب الإسلامية ، وإلي زوابع الحيرة التي تكتنفي من كل جانب ، لعلهم يبثون فيها روحا من الزمان ، يحيي موات مشاعرهم وتبلدهم إلي حلول فيها الخير للجميع . أن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي ، وزعا العالم بينهما منذ عشرات السنين ، فجعلوا جانبا يبدو أنه يسير في فلك الرأسمالية وهم يمتصون دمه وخيرات بلاده مصا مفزعا ، وجانبا يبدو أنه يسير في فلك الشيوعية وهي تقضي عليه قضاء لا قيام بعده . أما هذه الخلافات التي تبدو بين القوتين حينا وتهدأ حينا ، فهي أخبث ما تفتقت عنه أذهان شياطين السياسة البشعة يلهون بها الذين يسيرون في الفلك الرأسمالي آملا في التخلص منه ويمنون بها علي الذين يسيرون في الفلك الشيوعي أملا في التحرر من قبضته ، وهكذا تمضي القوتان في تشديد سيطرتهما علي العالم في الوقت الذي تئن فيه الشعوب الضعيفة من البؤس الذي تعانيه تحت ظل الحكمين ، ممنية نفسها بأن الانفجار المزعوم سيهدم القوانين والأمر من هذا وذاك .. أن صحف البلاد الضعيفة ، إسلامية وغير إسلامية ، تعين القوانين علي هذا البلاء ، ففريق يهاجم الولايات المتحدة ، منتصرا للاتحاد السوفيتي منتصرا للولايات المتحدة والقبض من الناحيتين غزير ، وذهب البترول غزير وطالب ( الفرفشة ) ما تعدى ، ولو علي حساب كل القيم المثالية والمثل السامية . وهكذا نصيبنا ! وأعجب العجب أن الصحفيين هم الذين يتحدثون عن الشرف والوطنية والمبادئ أو يحلفون لنا نصدقهم ، ونري أعمالهم فنتعجب ، ولا يستطيع واحدا منا أن يتخذ أية خطوة عملية ليرد واحدا من هؤلاء الصحفيين إلي صوابه ، أو يوقفه عند حده ، لأنهم يدورون في رحى الحكام .
وإسرائيل تتحداهم جميعا :
ويضيق حكام البلاد الإسلامية ، بما يعانون من ضغوط خارجية وداخلية , فلا يجدون ما يفرجون به عن كربهم النفسية , إلا التظاهر بحرية التصرف وحرية الإرادة ، وحرية الكلمة ، وحرية القرار .. والشعوب من ذهولها وانحصار همها في بطنها ، ما بين مكذب ومصدق . وإذا كان حكام البلاد الإسلامية أحرارا في قراراتهم ، فإن تحدي إسرائيل لهم جميعا مسألة فيها نظر ، وإن إسرائيل تتحداهم جميعا واحدا واحدا بلا استثناء ، في جرأة مستهترة بهم جميعا ، وما أتعس حالهم كلهم يوم يقول بيجين : أن ضرب المفاعل العراقي ما هو إلا مقدمة لضرب أي تطور لأية قوة في آية بلد إسلامية ، إذا أدي صور بيجين إلي أن هذه القوة خطر علي إسرائيل ؟! أرأيت لا يكتفي بيجن بالمحافظة علي أمن إسرائيل داخل حدودها ، ولكنه يمطه إلي داخل أعماق حدود الدول الإسلامية !! ومع ذلك فقد أحني جميع حكام البلاد الإسلامية . المتعجرفين علي شعوبهم ، المستهينين بها أحنوا جميعا هاماتهم اللامعة المبرقشة أمام هذا التبجح الوقح ، واكتفوا جلالاتهم وسموهم وفخامتهم !! تري هل أرضاهم هذا القرار ؟ أو رد عليهم شيئا من مهابتهم التي تحداها بيجين ؟ ألم أقل لك أن الشعوب الإسلامية في واد وحكامهم في واد آخر ؟!
اللهم بحق شهر رمضان ، وبحق عيد الفطر . والقعدة والحجة بعدها والمحرم الذي يليها وكلها أشهر حرم .. بحق إخلاص الدعاة إليك ، وبحق ضعفهم بين يديك ، إلا ما ألهمت حكام المسلمين رشدا يعود بهم إلي طريقك القويم ، ويوحد بين قلوبهم أجمعين ، ويردهم إلي شعوبهم متعاطفين متعاونين ، اللهم إنه لا يصعب عليك شيء ، ولم يبق لدي المتهجدين ، إلا دعاء السحر ، وسهام القدر ، واجعلنا أهلا لأن يستجاب دعاؤنا وإيماننا بك " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ، فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون " . |
|